الجهود الدبلوماسية التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي في الشرق الأوسط: رؤية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب

u.s.-secretary-of-state's-diplomatic-effort-in-mideast-a-vision-for-gaza's-post-war-reconstruction

في تطور مهم للدبلوماسية في الشرق الأوسط، نجح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في حشد دعم الدول العربية الرئيسية وتركيا لبدء التخطيط لإعادة إعمار غزة وإدارتها بعد الصراع. يمثل هذا الجهد التعاوني، الذي تم الإعلان عنه خلال مهمة بلينكن العاجلة في الشرق الأوسط، تحولًا محوريًا في الديناميكيات الإقليمية، حيث تتقدم الدول التي كانت مترددة سابقًا في المشاركة في مناقشات ما بعد الحرب الآن إلى الأمام لرسم مسار لمستقبل غزة.

خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، كشف الوزير بلينكن عن تحالف جدير بالملاحظة يضم المملكة العربية السعودية والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة وتركيا. وقد وافقت هذه الدول على النظر في المشاركة والمساهمة في سيناريوهات “اليوم التالي” في غزة، والتي أثر عليها الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ ثلاثة أشهر بشدة. وجاء إعلان بلينكن وسط جهوده لمنع تصاعد الصراع الدائر إلى حرب إقليمية.

وفي السابق كانت هذه الدول مترددة في البدء في التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، وأصرت على وقف إطلاق النار والحد من معاناة المدنيين الناجمة عن الرد العسكري الإسرائيلي على الهجمات التي شنتها حماس في أوائل أكتوبر/تشرين الأول. ومع ذلك، يبدو أن دبلوماسية بلينكن المستمرة، والتي تميزت برحلته الرابعة إلى المنطقة منذ بداية الصراع، قد قلبت الأمور.

وقال بلينكن: “في كل مكان ذهبت إليه وجدت قادة مصممين على منع الصراع الذي نواجهه الآن من الانتشار، ويبذلون كل ما في وسعهم لردع التصعيد لمنع اتساع الصراع”، مؤكدا على الموقف الموحد ضد تصعيد الصراع. .

وبعد لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العلا بالمملكة العربية السعودية، سلط بلينكن الضوء على الالتزام الجماعي بتحقيق الاستقرار والتعافي في غزة، وتعزيز المسار السياسي للفلسطينيين، والعمل من أجل السلام والأمن على المدى الطويل في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال تفاصيل المساهمات المحتملة من هذه الدول غير محددة، ومن المتوقع أن يكون الدعم المالي والعيني من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حاسماً.

وطالبت الدول العربية، التي تنتقد تصرفات إسرائيل، بوقف إطلاق النار منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول مع تصاعد الخسائر في صفوف المدنيين. ويتضمن جدول أعمال بلينكن نقل هذه الالتزامات العربية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وعلى الرغم من هذا التقدم، لا تزال هناك تحديات. إن أي خطة فعّالة في مرحلة ما بعد الحرب في غزة تتطلب موافقة القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية. وتتبنى حكومة نتنياهو وجهات نظر مختلفة بشأن مستقبل غزة وتظل معارضة لمفهوم حل الدولتين، وهو مطلب رئيسي للمملكة العربية السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وشدد بلينكن أيضًا على اهتمام الأمير محمد بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بشرط إنهاء الصراع في غزة وإنشاء مسار عملي لقيام دولة فلسطينية. هذا التطور، وفقا لبلينكن، لديه القدرة على أن يكون تحويليا.

تمثل الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط بقيادة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بارقة أمل في منطقة مزقتها الصراعات منذ فترة طويلة. إن التعاون بين الدول العربية الرئيسية وتركيا في التخطيط لمستقبل غزة بعد الحرب لا يسلط الضوء على إمكانية الاستقرار الإقليمي فحسب، بل يفتح أيضاً السبل أمام السلام طويل الأمد. ورغم أن الطريق أمامنا محفوف بالتعقيدات، فإن الالتزام برؤية موحدة لإعادة إعمار غزة وإدارتها يبشر بعصر جديد في دبلوماسية الشرق الأوسط.