القبضة العنيدة: انتصار بوتين المتوقع وتداعياته على روسيا

The-Unyielding-Grip:-Putin's-Predictable-Victory-and-Its-Implications-for-Russia

في انتخابات منسقة بعناية ولم تفاجئ أحداً، واصل الرئيس فلاديمير بوتين ست سنوات أخرى على رأس روسيا، مما عزز سيطرته على المشهد السياسي حيث تم إسكات صوت المعارضة بشكل كبير، وتواجه حرية التعبير أصعب التحديات منذ الحقبة السوفيتية. . لقد تكشف هذا الانتصار الأخير في ملحمة بوتين السياسية وسط خلفية من الوحدة الوطنية التي لا مثيل لها، أو هكذا تقول روايات الدولة، حيث حصل بوتين على نسبة مذهلة بلغت 87.28٪ من الأصوات – وهي شهادة، وفقًا للجنة الانتخابات المركزية، على أعلى نسبة مشاركة للناخبين. شوهد في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي.

وعلى الرغم من ظهور عملية ديمقراطية، إلا أن الانتخابات لم تكن كذلك. وفي ظل وجود ثلاثة خصوم اسميين لم يقدموا بديلاً إلا نادراً، كان غياب الاختيار الانتخابي الحقيقي واضحاً. وكانت المراقبة المستقلة معدومة تقريباً، وشابت العملية الانتخابية تقارير عن ترهيب الناخبين، مما يؤكد الابتعاد عن أي مظهر من مظاهر العدالة أو الشفافية التي لوحظت سابقاً في الانتخابات الروسية. وأعلنت “جولوس”، وهي هيئة مراقبة الانتخابات المستقلة الرائدة في روسيا، “لم يحدث شيء من هذا القبيل بهذا الحجم في الانتخابات في روسيا من قبل”، مسلطًا الضوء على الضغط غير المسبوق الذي يمارس على الناخبين في أكثر من 60 منطقة.

وفي خضم هذه العملية الانتخابية الخاضعة لرقابة مشددة، أظهرت روح المعارضة، رغم أنها محاصرة، علامات الحياة. وقد أظهر تكتيك “الظهر ضد بوتين”، وهو استراتيجية احتجاجية أقرها الراحل أليكسي نافالني وغيره من شخصيات المعارضة، أنه على الرغم من جهود الكرملين، فإن جيوب المقاومة الصامتة لا تزال موجودة داخل روسيا ومغتربيها. ورغم أنه من غير المرجح أن تؤثر هذه الظاهرة على نتيجة الانتخابات، فإنها تشير إلى استعداد دائم بين بعض شرائح الشعب الروسي للبحث عن سبل إبداعية للمعارضة.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن المستقبل هو استمرار للوضع الراهن، مع وجود بوتين على رأس السلطة، والذي يبدو غير متأثر باحتمال حكم أمة حيث لا يزال صدى طبول المعارضة يتردد، ولو كان خافتاً. لقد ألمح سلوكه بعد الانتخابات إلى زعيم واثق من منصبه المضمون، ومع ذلك فإن ذكرى القرارات السابقة التي لم تحظى بشعبية تلوح في الأفق، مثل رفع سن التقاعد بعد انتخابات 2018. ويتوقع المحلل السياسي عباس جالياموف، كاتب الخطابات السابق لبوتين، أن الفترة الأولية بعد الانتخابات قد تشهد فجوة قصيرة في التحركات السياسية المهمة. إلا أنه يحذر من اتخاذ قرارات قد لا تحظى بالشعبية، حيث أن المخاوف المباشرة المرتبطة بالحفاظ على واجهة من الاستقرار تفسح المجال أمام أهداف استراتيجية أطول أمداً، وربما تتضمن المزيد من الاختبارات لقدرة حلف شمال الأطلسي.

إن النصر الانتخابي الأخير الذي حققه بوتن كان بمثابة شهادة على قبضته المحصنة على السلطة، ومقدمة لما ينتظر روسيا في المستقبل. ومع استمرار الكرملين في خنق المعارضة وتشديد قبضته على حرية التعبير، فإن مرونة أولئك الذين ما زالوا يجرؤون على تحدي الوضع الراهن تذكرهم بأن روح المعارضة، مهما كانت مقيدة، تظل حية. من المرجح أن تكون السنوات المقبلة بمثابة توازن دقيق بالنسبة لبوتين وهو يتنقل بين تعقيدات الحفاظ على السيطرة بينما يتعامل مع تيارات السخط الخفية التي تفاقمت خلال فترة ولايته.