اليابان تطلب ميزانية دفاعية قياسية لمواجهة التهديد الصيني

japan-requests-record-defense-budget-to-counter-china-threat

تضغط اليابان من أجل ميزانية دفاعية قياسية تبلغ 8.5 تريليون ين (59 مليار دولار) للسنة المالية المقبلة، مما يمثل تحولاً استراتيجياً في نهجها تجاه الأمن القومي. وتأتي هذه الخطوة كرد فعل للتهديدات المتصاعدة من الصين، خاصة حول الجزر الجنوبية الغربية لليابان. وتهدف اليابان من خلال زيادة إنفاقها العسكري إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتعزيز موقفها الرادع ضد المعتدين الإقليميين.

يعد طلب الميزانية هذا جزءًا من خطة التعزيزات العسكرية الخمسية الأوسع نطاقًا في اليابان، والتي تهدف إلى مضاعفة الإنفاق الدفاعي السنوي للبلاد بحلول عام 2027. والهدف هو تخصيص 43 تريليون ين (297 مليار دولار) خلال هذه الفترة، مما يجعل اليابان ثالث أكبر منفق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. وتؤكد هذه الزيادة الكبيرة على التزام اليابان بحماية سلامة أراضيها والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

التركيز على الأسلحة غير المأهولة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

تتمثل إحدى الأولويات الرئيسية في استراتيجية الدفاع اليابانية في تطوير ونشر أنظمة الأسلحة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي. فمع تناقص عدد السكان وتناقص عدد الجنود، تعتمد اليابان بشكل متزايد على التكنولوجيا المتقدمة لسد الثغرات في قدراتها الدفاعية. ويُنظر إلى الأنظمة غير المأهولة، مثل الطائرات القتالية بدون طيار، على أنها “مغيرات لقواعد اللعبة” التي يمكنها القيام بمهام طويلة وتقليل الخسائر البشرية.

وتتضمن الميزانية المقترحة 103 مليار ين (710 مليون دولار) لتطوير الطائرات بدون طيار واقتنائها، مما يسلط الضوء على التركيز على الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز عمليات المراقبة والعمليات القتالية. بالإضافة إلى ذلك، تخطط اليابان للاستثمار في أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة العسكرية. ومن المتوقع أن تساعد هذه التطورات التكنولوجية اليابان في الحفاظ على وضع دفاعي قوي على الرغم من التحديات الديموغرافية التي تواجهها.

تعزيز القدرات الضاربة بعيدة المدى

وهناك تركيز رئيسي آخر للميزانية يتمثل في تعزيز قدرات اليابان الضاربة بعيدة المدى. فقد خصصت وزارة الدفاع 970 مليار ين (6.7 مليار دولار) لتطوير وشراء صواريخ بعيدة المدى والمعدات اللازمة لإطلاقها. ويشمل ذلك أنظمة يمكن نشرها من مدمرات من طراز إيجيس، وهو عنصر حاسم في استراتيجية اليابان لمواجهة التهديدات المحتملة من الدول المجاورة.

كما أن جزءًا كبيرًا من هذا التمويل مخصص أيضًا لبناء كوكبة من الأقمار الصناعية التي ستحسن قدرة اليابان على اكتشاف الأنشطة المتعلقة بالصواريخ. وتأتي هذه المبادرة استجابة للتقدم في تكنولوجيا الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت من قبل كوريا الشمالية والصين وروسيا، والتي تمثل تحديًا متزايدًا لأنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية. وتهدف اليابان من خلال الاستثمار في هذه القدرات إلى تعزيز خياراتها الدفاعية والانتقامية.

التحديات في تجنيد القوات والاحتفاظ بها

بينما تركز اليابان على تطوير تقنياتها العسكرية، إلا أنها تواجه تحديات مستمرة في تجنيد الأفراد والاحتفاظ بهم في قوات الدفاع الذاتي. فقد أدى انخفاض معدل المواليد في البلاد والمنافسة من وظائف القطاع الخاص إلى زيادة صعوبة التجنيد العسكري. ففي العام الماضي، لم تحقق اليابان سوى نصف هدف التجنيد المستهدف، وهو أدنى مستوى في تاريخ قوات الدفاع الذاتي الممتد لسبعين عاماً. وعلاوة على ذلك، وصلت حالات المغادرة في منتصف الحياة المهنية إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاثة عقود.

ولمعالجة هذه المشاكل، تدرس وزارة الدفاع اليابانية إصلاحات مختلفة لجعل الخدمة العسكرية أكثر جاذبية. وتشمل هذه الإصلاحات تحسين الرواتب، وخلق بيئة عمل أفضل، وتوفير المزيد من فرص التدريب، وتقديم الدعم للأمهات العاملات. وتهدف مثل هذه التدابير إلى جعل الحياة المهنية في قوات الدفاع الذاتي أكثر جاذبية للشباب والنساء، مما يساعد على الحفاظ على القدرات الدفاعية للبلاد.

تطبيق الذكاء الاصطناعي والأتمتة لتعزيز الكفاءة

بالإضافة إلى التركيز على الأنظمة غير المأهولة، تتطلع اليابان أيضًا إلى تطبيق الذكاء الاصطناعي والأتمتة لتحسين الكفاءة التشغيلية. وتطلب وزارة الدفاع مبلغ 18 مليار ين (124 مليون دولار) لإدخال نظام مراقبة بالذكاء الاصطناعي في 40 قاعدة لقوات الدفاع الذاتي في جميع أنحاء البلاد. تهدف هذه المبادرة إلى تحرير ما يقرب من 1000 من أفراد الخدمة من خلال أتمتة مهام المراقبة، وبالتالي تقليل الاعتماد على الموارد البشرية.

كما تخطط الوزارة أيضًا لاستثمار 4.3 مليار ين (29.7 مليون دولار) في مرافق تخزين الإمدادات الآلية، والتي من المقرر أن يتم تشغيلها بحلول عام 2027 في أوكيناوا. ستعمل هذه المرافق على تبسيط العمليات اللوجستية وعمليات الدعم، مما يضمن أن تكون قوات الدفاع اليابانية مجهزة تجهيزًا جيدًا وجاهزة للرد على أي تهديدات. من خلال تبني التكنولوجيا والأتمتة، تهيئ اليابان نفسها للحفاظ على وضع دفاعي قوي مع مواجهة تحديات تقلص عدد السكان والقوى العاملة.