لقد وعد دونالد ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي تجتاحها حاليًا صراعات شديدة وحالة من عدم اليقين. ومع ذلك، يواجه هذا الهدف الطموح عقبات كبيرة، لا سيما بالنظر إلى دعم ترامب الثابت لإسرائيل والمشهد الجيوسياسي المعقد الذي سيرثه. ومع استمرار الصدامات والعداوات المتجذرة، أثارت مقاربته للسلام تساؤلات في جميع أنحاء العالم.
رؤية ترامب للسلام وعود بلا وضوح
تعهد ترامب طوال حملته الانتخابية باستعادة السلام في الشرق الأوسط. غير أن الاستراتيجية التي ينوي استخدامها لا تزال غامضة. فقد حثّ إسرائيل على “إنهاء المهمة” ضد حماس، ولكن لا تزال هناك تساؤلات حول ما يستلزمه ذلك. وكما تساءل ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: “هل يعني إنهاء المهمة أن يكون لديك حرية التعامل مع بقايا حماس؟ أم أن إنهاء المهمة يعني أن الحرب يجب أن تنتهي الآن؟ لقد تركت دعوة ترامب إلى الحسم السريع مجالًا للتأويل، لا سيما في أعقاب الخسائر الفادحة في غزة.
أمل نتنياهو في نهج ترامب المؤيد لإسرائيل في التعامل مع إسرائيل
ينظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عودة ترامب المحتملة إلى منصبه كفرصة لتعزيز موقف إسرائيل. يتذكر نتنياهو باعتزاز فترة ولاية ترامب الأولى، حيث كان معروفًا بإجراءات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ودعم المستوطنات الإسرائيلية. وقد سلّط مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق، الضوء على المشاعر السائدة في إسرائيل قائلاً: “لديه السجل الأكثر تأييداً لإسرائيل من أي رئيس آخر”. وبالنسبة لنتنياهو، فإن موقف ترامب قد يعني بالنسبة إليه تدقيقًا أقل في الإجراءات العسكرية وربما التأثير على أي تدقيق قانوني دولي قد ينشأ.
المستقبل المعقد للعلاقات بين غزة والفلسطينيين
لم يقدم ترامب ولا نتنياهو خطة شاملة لغزة في مرحلة ما بعد الصراع. وقد قوبل اقتراح ترامب بإمكانية تحويل غزة إلى منطقة مزدهرة “أفضل من موناكو” بالتشكيك، خاصةً في ظل افتقاره إلى تفاصيل حول الحكم السياسي للقطاع. وفي الوقت نفسه، رفضت حكومة نتنياهو اقتراح إدارة بايدن بإشراك السلطة الفلسطينية، وفضلت بدلاً من ذلك الإشراف العسكري المستمر. وعلقت ديانا بطو، المستشارة السابقة للقادة الفلسطينيين، قائلة: “لا أرى أن هذا الرئيس سيهتم بالفلسطينيين”، مما يعكس المخاوف بشأن مستقبل محدود لغزة تحت قيادة ترامب.
العامل الإيراني: الأمن مقابل الانعزالية
ومن العناصر الحاسمة في مقاربة ترامب للشرق الأوسط موقفه من إيران. ففي الأسابيع الأخيرة، انخرطت إسرائيل في اشتباكات مع حزب الله، وهو جماعة مدعومة من إيران، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من الجانبين. يتماشى خطاب ترامب القوي ضد إيران مع مبادئه “أمريكا أولاً”، لكنه يترك أسئلة مفتوحة حول مدى دعمه لها. وفي حين أنه أعلن عن نيته “وقف المعاناة والدمار في لبنان”، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان سيعطي الأولوية للمصالح الأمريكية أو سيقدم الدعم العسكري الكامل لإسرائيل في أي نزاعات أخرى مع إيران.
وعد هش للسلام
وتلقي التوترات المستمرة في المنطقة وأسلوبه الدبلوماسي الذي لا يمكن التنبؤ به بظلالها على محاولة ترامب الثانية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وكما أشار أودي سومر، الخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فإن “عدم اليقين سيحدد على الأرجح نهجه”. فمع إرث من الدعم القوي لإسرائيل والميل نحو الانعزالية، فإن رؤية ترامب للسلام معقدة مثل الصراعات نفسها. وقد تشكل ولايته المقبلة نقطة تحول حاسمة – أو فترة من الاضطرابات المطولة.