تعمل طواقم الإسعاف في مدينة غزة على انتشال الجثث من حي تل الهوى دون كلل أو ملل، حيث وصلت عشرات الجثث إلى المستشفى الأهلي صباح الجمعة. يعمل عمال الدفاع المدني على مدار الساعة لانتشال الموتى من تحت أنقاض الشوارع والمباني المدمرة، راسمين بذلك صورة قاتمة للخسائر المدمرة التي خلفها الصراع الدائر على المدنيين.
أفاد مدير المستشفى الأهلي، فاضل ناعم، أنه تم إحضار جرحى ومتوفين من تل الهوى. وقد جاء هذا التدفق بعد أقل من يوم واحد من استئناف المستشفى لعملياته بعد عملية إجلاء سابقة بسبب القتال العنيف في المنطقة.
في تل الهوى، تم انتشال ما يقرب من 60 جثة من بينهم عائلات بأكملها يبدو أنها قُتلت بنيران المدفعية والقصف الجوي. وسلط محمود بصل، مدير الدفاع المدني في غزة، الضوء على التحديات التي تواجه الوصول إلى بعض المنازل، مشيرًا إلى أن العديد من الضحايا قد احترقوا داخل مساكنهم. وكان العديد من القتلى قد غادروا مؤخراً الملاجئ القريبة بعد أن أُمروا بالإخلاء ليواجهوا هجمات مميتة في منازلهم.
لم يعلق الجيش الإسرائيلي على الوضع في تل الهوى. وتعكس المشاهد في هذا الحي تلك الموجودة في حي الشجاعية، وهي منطقة أخرى في مدينة غزة انسحب منها الجيش الإسرائيلي مؤخرًا. وعثر عمال الدفاع المدني على 60 جثة إضافية في الشجاعية يوم الخميس، ويُعتقد أن العديد من الجثث الأخرى مدفونة تحت الأنقاض. وفي تل الهوى، تم العثور على جثث متحللة أو منقوشة جزئيًا بواسطة الكلاب، مما زاد من الظروف المروعة.
وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي 300,000 فلسطيني لا يزالون في شمال غزة على الرغم من أوامر الإجلاء. ويعاني الآن غالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، الذين غادروا غزة في وقت سابق من الصراع، من الجوع على نطاق واسع ويعيشون في مخيمات مكتظة ومزرية في خيام.
بدأ هذا الصراع بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث اقتحم مسلحون جنوب إسرائيل وقتلوا حوالي 1200 شخص معظمهم من المدنيين واختطفوا حوالي 250 شخصاً. ومنذ ذلك الحين، أسفرت الهجمات البرية والقصف الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 38,300 شخص في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع، والتي لا تفرق بين المقاتلين والمدنيين.
وفي الوقت الذي تتكشف فيه هذه الأحداث المأساوية، يسعى الوسطاء في القاهرة جاهدين إلى سد الفجوة بين إسرائيل وحماس فيما يتعلق باقتراح وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة. وقد أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل سترسل وفدًا لإجراء المزيد من المحادثات، في الوقت الذي يعمل فيه الوسطاء الأمريكيون والمصريون والقطريون على التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، لا تزال العقبات قائمة، حيث تصر حماس على استمرار المفاوضات حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، بينما يصر نتنياهو على أن إسرائيل لن توافق على أي اتفاق يوقف حملتها العسكرية قبل القضاء على حماس.
يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة في الداخل والخارج على حد سواء. ويدعو العديد من الإسرائيليين إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن بعد تسعة أشهر من الصراع، لكن نتنياهو لا يزال مصراً على أن الهجوم العسكري سيستمر حتى تحقق إسرائيل هدفها المتمثل في تفكيك حماس. وفي مؤشر على الضغط المتصاعد، يقوم أقارب الرهائن بمسيرة إلى القدس للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق والإفراج عن أحبائهم، ويدعو السياسيون الإسرائيليون، بمن فيهم وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى إجراء تحقيق حكومي واسع النطاق في سلوك القادة الإسرائيليين.
لا تزال مخاطر التصعيد الإقليمي كبيرة. أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل جندي في شمال إسرائيل وسط استمرار إطلاق النار عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة. ويقوم حزب الله، المدعوم من إيران، بمهاجمة إسرائيل دعماً لحماس، وقد صرح بأنه سيوقف هجماته بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وقد أعرب الرئيس جو بايدن في مؤتمر صحفي يوم الخميس عن خيبة أمله وإحباطه من الحرب ومن تصرفات الحكومة الإسرائيلية، كما سلط الضوء على الآمال المتزايدة في وقف إطلاق النار. وذكر بايدن أن كلاً من إسرائيل وحماس اتفقتا على البنود العامة لاتفاق وقف القتال والإفراج عن الرهائن، ويعمل الوسطاء على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق.