اليابان تطلق حقبة جديدة في الطاقة النظيفة بأكبر مفاعل اندماج نووي في العالم

japan-ignites-a-new-era-in-clean-energy-with-world's-largest-nuclear-fusion-reactor

في إنجاز تاريخي للطاقة المستدامة، كشفت اليابان عن JT-60SA، أكبر مفاعل اندماج نووي في العالم. يقع هذا المفاعل التجريبي في محافظة إيباراكي، ويمثل لحظة محورية في السعي لتحقيق “الكأس المقدسة” المتمثلة في مصادر الطاقة النظيفة.

يتم الآن تسخير الاندماج النووي، وهو العملية التي تزود الشمس بالطاقة، على الأرض، مما يوفر مستقبلًا من الطاقة مستدامًا وغير محدود تقريبًا. يقف JT-60SA بمثابة شهادة على عقود من المساعي العلمية، ويلخص الأحلام والعمل الجاد لأجيال من العلماء منذ الخمسينيات.

إن هذا المفاعل الرائد، وهو جهد تعاوني بين الاتحاد الأوروبي واليابان، يقوم بما هو أكثر من مجرد توليد الطاقة. إنه يرمز إلى خطوة كبيرة نحو مستقبل خالٍ من قيود الوقود الأحفوري ومخاطر النفايات النووية. على عكس الانشطار النووي التقليدي، الذي يقسم الذرات ويترك نفايات مشعة طويلة العمر، يقوم الاندماج النووي بدمج الذرات معًا، دون ترك أي نفايات خطرة وعدم استخدام الوقود الأحفوري.

ويؤكد الاتحاد الأوروبي، باعتباره شريكا في هذا المشروع، على الفوائد البيئية للاندماج النووي. ولا تنتج هذه العملية ثاني أكسيد الكربون، مما يجعلها تقنية حاسمة في الرحلة نحو صافي الانبعاثات الصفرية. علاوة على ذلك، فإن تفاعل الاندماج آمن بطبيعته، ويتوقف فورًا عند انقطاع إمدادات الوقود أو مصدر الطاقة، وبالتالي لا يشكل أي تهديد بنفايات مشعة طويلة العمر.

يأتي إنشاء JT-60SA بعد سلسلة من التطورات المهمة في تكنولوجيا الاندماج النووي. في الآونة الأخيرة، تصدر مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا عناوين الأخبار بإنجاز تاريخي: اكتساب صافي الطاقة من الاندماج النووي. وباستخدام الليزر لدمج ذرتين ضوئيتين في ذرة واحدة، أطلق الفريق طاقة أكثر مما تم إدخاله في البداية، وهو إنجاز يشبه غليان غلاية بقوة النجوم.

ويعترف الفيزيائي آرثر توريل، الذي لم يشارك بشكل مباشر في البحث، بهذا الإنجاز باعتباره معلمًا تاريخيًا. ويُنظر إلى الإشعال الناجح للاندماج النووي باعتباره لحظة محورية، من المحتمل أن تبشر بعصر جديد من تكنولوجيا الطاقة. وفي الوقت الذي يحتاج فيه العالم بشدة إلى مصادر طاقة خالية من الكربون، فقد عزز هذا التطور الجهود الرامية إلى تحقيق الاندماج النووي على نطاق عالمي.

إن مفاعل JT-60SA، الذي يبلغ ارتفاعه ستة طوابق، لديه هدف طموح يتمثل في تكرار وربما تجاوز مكاسب الطاقة التي لوحظت في تجارب كاليفورنيا. والهدف الأساسي هو إنتاج فائض صاف من الطاقة، وهو التحدي الذي استعصى على العلماء لعقود من الزمن.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن أفق الاندماج النووي آخذ في التوسع بشكل أكبر. وفي فرنسا، هناك مفاعل اندماج نووي أكبر قيد الإنشاء، ومن المتوقع أن تبدأ عملياته في عام 2025. يمثل هذا المفاعل، إلى جانب JT-60SA، حدود الإبداع البشري والوعد بمستقبل أنظف وأكثر استدامة لكوكبنا. ومع دخول هذه المفاعلات حيز التشغيل، فإنها قد تعيد تعريف نهجنا في إنتاج الطاقة، مما يجعلنا أقرب إلى التحكم في قوة النجوم وتأمين مستقبل أكثر خضرة.