خضعت سمعة أمستردام كمدينة متسامحة ومسالمة لاختبار شديد هذا الأسبوع مع اندلاع هجمات معادية للسامية ضد مشجعي كرة القدم الإسرائيليين. ففي أعقاب مباراة في الدوري الأوروبي بين مكابي تل أبيب وأياكس، سلطت أعمال العنف والعداء في المدينة الضوء على التوترات العميقة الجذور. وقد أثارت الأحداث غضبًا عارمًا في أوساط القادة المحليين والدوليين.
ليلة مظلمة في أمستردام
وجد المشجعون الإسرائيليون أنفسهم هدفًا للعنف في شوارع أمستردام بعد المباراة. ووصفت عمدة المدينة فيمكه هالسيما الهجمات بأنها حوادث “كر وفر” نفذها مجرمون على دراجات بخارية. “هذه لحظة فظيعة لمدينتنا. … أشعر بالخجل الشديد من السلوك الذي ظهر الليلة الماضية”، قالت هالسيما في مؤتمر صحفي. تم القبض على أكثر من 60 شخصًا، ولا يزال العديد منهم رهن الاحتجاز، بينما تم علاج المشجعين المصابين وخروجهم من المستشفيات.
وقد تفاقمت أعمال العنف بسبب مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تصور التوترات بين المشجعين قبل المباراة. وأظهرت مقاطع مصورة مشجعي مكابي وهم يرددون هتافات معادية للعرب ويمزقون الأعلام الفلسطينية، مما زاد من تأجيج الأعمال العدائية.
إدانة من القادة والسلطات
وأعرب رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف عن استيائه قائلاً: “هذا أمر غير مقبول على الإطلاق. أنا على اتصال وثيق مع جميع الأطراف المعنية، وقد تحدثت للتو مع [Israeli Prime Minister] نتنياهو عبر الهاتف للتأكيد على أنه سيتم تحديد هوية الجناة ومحاكمتهم”. وأكد شوف أن شوارع أمستردام هادئة الآن، لكن الأحداث تركت ندبة على صورة المدينة.
وقارن نتنياهو الهجمات بـ”ليلة الكريستال” قائلاً: “غدًا، قبل 86 عامًا، كانت ليلة الكريستال – هجوم على اليهود، أيًا كان اليهود، على الأراضي الأوروبية. لقد عاد الأمر الآن… هناك فرق واحد فقط – في هذه الأثناء، تم تأسيس الدولة اليهودية. علينا أن نتعامل معها”. وحث السلطات الهولندية على التصرف بسرعة وحماية المواطنين الإسرائيليين.
الآثار الأوسع نطاقاً على كرة القدم والدبلوماسية الأوروبية
وقد أثارت أعمال العنف في أمستردام مخاوف أوسع في جميع أنحاء أوروبا. فقد وصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الهجمات بأنها “همجية ومعادية للسامية”، واصفًا إياها بأنها “جرس إنذار صارخ لأوروبا والعالم”. وتقوم الحكومة الإسرائيلية الآن بإعادة تقييم الإجراءات الأمنية لمواطنيها في الخارج، وخاصة في المناسبات الرياضية.
وتشعر كرة القدم الأوروبية أيضًا بالآثار المترتبة على ذلك. ففرنسا، على سبيل المثال، تعمل على تعزيز الأمن في مباراتها القادمة ضد إسرائيل. وقد أكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو، “إن فرنسا لن تتراجع، لأن ذلك سيكون بمثابة تنازل في مواجهة التهديدات بالعنف ومعاداة السامية.”
قام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بالفعل بنقل مباراة مكابي تل أبيب في نوفمبر/تشرين الثاني إلى ملعب محايد بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة في تركيا.
دعوات للوحدة والمساءلة
تؤكد الحوادث التي وقعت في أمستردام على هشاشة التعايش في أوقات التوترات الجيوسياسية المتصاعدة. وفي حين تعهدت السلطات المحلية بملاحقة الجناة وضمان سلامتهم، أثارت الهجمات انتقادات من مختلف الأطراف. وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية الهتافات المعادية للعرب ودعت إلى حماية الفلسطينيين في هولندا.
وبينما تتكشف هذه الأحداث، تواجه أمستردام تحدي استعادة سمعتها كمدينة سلام. وستكون القيادة القوية والمساءلة أمرًا بالغ الأهمية لمنع وقوع مثل هذه الأحداث في المستقبل ومعالجة مخاوف سكانها وزوارها.
وقت للتفكير
إن الأحداث التي وقعت في أمستردام هي بمثابة تذكير بكيفية ظهور التوترات العالمية على الصعيد المحلي، مما يهدد السلامة والوحدة. يجب على القادة والمجتمعات والمنظمات العمل معًا لمنع مثل هذا العنف والتمسك بقيم التسامح والاحترام. ولا يمكن لمدن مثل أمستردام استعادة إرثها كملاذ للوئام إلا من خلال الجهود الجماعية.