تواجه مجموعة العشرين انقسامات عميقة وسط العقوبات الروسية

g20-faces-deepening-rifts-amidst-russian-sanctions

ومع الشعور بتوابع العقوبات ضد روسيا، تجد وزيرة الخزانة جانيت يلين نفسها وسط شكوك متزايدة من الاقتصادات المتقدمة والناشئة البارزة. وتتسبب هذه الشكوك في حدوث انقسامات داخل مجموعة العشرين.

وتسلط قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها الهند هذا الأسبوع الضوء على هذه الانقسامات الناشئة. وتقوم بعض الدول، التي كانت مترددة تاريخياً تجاه الأعمال الانتقامية المالية التي تقودها الولايات المتحدة ضد موسكو بسبب دورها في الصراع الأوكراني، بتشكيل تحالفات أقوى.

وتقول دول مجموعة السبع، بما في ذلك الولايات المتحدة، إن العقوبات المفروضة، إلى جانب تحديد سقف لأسعار النفط الروسي، نجحت في الحد من التدفقات الاقتصادية إلى روسيا. ويأتي هذا الادعاء على الرغم من أن روسيا شهدت نموًا بنسبة 4.9٪ في الربع الثاني من عام 2023.

وفي المقابل، تعمل روسيا والصين على تعزيز علاقاتهما، معلنتين عن تحالف “بلا حدود”. علاوة على ذلك، يركز اتحاد البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) على التعاملات بعملات كل دولة، والابتعاد عن الدولار الأمريكي. وسوف يلاحظ المراقبون في مجموعة العشرين أيضاً تعزيز الروابط بين الولايات المتحدة والهند، بسبب المخاوف المتبادلة بشأن نفوذ الصين المتزايد.

سيواجه الرئيس جو بايدن والوزيرة يلين، خلال زيارتهما لنيودلهي، مشهدًا جيوسياسيًا معقدًا أثناء مناقشة الموارد الأساسية للدول النامية.

وتسلط رحلات يلين المتكررة إلى الهند الضوء على التوتر المستمر، وخاصة بعد التصريح الذي أدلى به الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بشأن صادرات أوكرانيا من الحبوب عبر البحر الأسود. ويؤكد بوتين أن الوعود الغربية المتعلقة بصادرات روسيا الغذائية لم يتم الوفاء بها.

ويعتقد المحللون، مثل راشيل زيمبا من مركز الأمن الأميركي الجديد، أن مزيجاً من العوامل، مثل الصراع في أوكرانيا والتلاعب بالعملة، يعمل على إجهاد وحدة مجموعة العشرين. ومع ذلك فإن زيمبا يشير إلى أن مجموعة العشرين قد تتوحد حول قضايا مثل الأمن الغذائي وأمن الطاقة في البلدان النامية.

وتؤكد وزارة الخزانة أن زيارة يلين تهدف إلى التأكيد على تداعيات الصراع الأوكراني وأهمية العقوبات في الحفاظ على استقرار أسعار الطاقة العالمية.

وبينما ستناقش يلين تعزيز الأمن الغذائي، فإن الديناميكيات المتطورة داخل مجموعة العشرين والغيابات الملحوظة، مثل غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد تفرض تحديات.

ويرى جوش ليبسكي من مركز الاقتصادات الجيولوجية التابع للمجلس الأطلسي أن القمة تمثل فرصة للتركيز على الأهداف المشتركة. ويشير إلى الصعوبة التي قد تواجهها الهند في تصوير نفسها كوسيط عالمي في ظل غياب القادة الرئيسيين.

ويحذر صندوق النقد الدولي من التداعيات الاقتصادية المحتملة لاتساع الانقسامات العالمية. ومن ناحية أخرى، ومع تعزيز العلاقات التجارية بين الصين وروسيا، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى العقوبات الغربية والحد الأقصى لأسعار النفط، يشهد الاقتصاد الصيني انكماشاً.

ويعتقد مارك سوبيل من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن العقوبات والخطوات الأخرى لتقييد عائدات النفط الروسية كانت مبررة.

إن تقارب روسيا المتزايد لليوان الصيني والتحرك الجماعي لدول البريكس للاعتماد بشكل أقل على الدولار الأمريكي يعكس المشهد الاقتصادي العالمي المتغير. وتتخوف العديد من الدول النامية من قدرة الولايات المتحدة على استخدام الدولار كأداة لفرض العقوبات.

ويخلص زيمبا إلى أنه على الرغم من ضرورة تخفيف التوقعات بشأن إنجازات مجموعة العشرين، إلا أن المنتدى يظل حاسماً لفهم الاختلافات الاقتصادية العالمية.

وتضم مجموعة العشرين الاتحاد الأوروبي والأرجنتين وأستراليا والبرازيل وبريطانيا وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا والولايات المتحدة.

ومع تحول الديناميكيات العالمية واختبار التحالفات التقليدية، تعد قمة مجموعة العشرين بمثابة منعطف حاسم لقادة العالم للتغلب على التحديات الناشئة والبحث عن أرضية مشتركة. وفي حين تؤكد الخلافات المرتبطة بالعقوبات الروسية على تعقيدات المشهد الجيوسياسي الحديث، فإن القمة توفر فرصة للتعاون والتفاهم. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر، فإن الهدف الجماعي المتمثل في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو العالمي يظل ذا أهمية قصوى بالنسبة لجميع الدول الأعضاء.