وفي ظل الحرب التي تصاعدت إلى ما هو أبعد من الشوارع لتصل إلى ملاذات الشفاء ذاتها، اضطر آلاف الفلسطينيين إلى الفرار من مستشفيات مدينة غزة وسط الصراع الذي لا هوادة فيه بين إسرائيل وحماس. إن مستشفى الشفاء، الذي كان ذات يوم ملجأً في قلب غزة، يقف الآن كشاهد على أهوال الحرب، حيث يبحث المدنيون والجرحى عن الأمان على خلفية القتال في المناطق الحضرية والبنية التحتية المتدهورة.
الخروج من الشفاء
وتحول المستشفى الرئيسي في غزة إلى ساحة من الفوضى واليأس، حيث أدت التقارير عن عدة غارات جوية – نفىها موظفو مستشفى الشفاء وحماس – إلى وصول الحرب إلى أبوابه، مما اضطرهم إلى الرحيل الجماعي. ويصور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، مدى إلحاح هذه اللحظة: “في وقت مبكر من يوم الجمعة، ضربت ثلاث غارات على الأقل على مدى عدة ساعات الفناء وقسم التوليد في مستشفى الشفاء”. وتعكس العواقب، الموثقة في صور مروعة، صدى المعاناة: الأرضيات الملطخة بالدماء وصرخات الجرحى والمحتضرين.
صوت مديرة الشفاء
ويتحدث محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء، عن مأزق رهيب: “أين سنجليهم؟” ويتردد صدى سؤاله الخطابي على خلفية مطالبة إسرائيل بالإخلاء والواقع الصارخ في غزة، وهو أنه لم يعد هناك ملاذ متبقي.
صرخة دولية
ويدين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هذه الاستراتيجية التي تعرض المدنيين للخطر، في حين أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن أسفه للضحايا الفلسطينيين. ومع ذلك، وفي خضم الدعوات الدولية لضبط النفس وحرمة الحياة المدنية، فإن الواقع على الأرض بالنسبة للفارين جنوباً على طريق صلاح الدين قاتم. الإرهاق والخوف والغضب يميز رحلتهم وهم يتنقلون في الطريق الصعب نحو الأمان النسبي.
إن المأساة التي تتكشف في غزة، حيث تتحول المستشفيات من أماكن آمنة إلى أهداف، هي تذكير مروع بهشاشة الحياة البشرية في الحرب. وبينما يتخلى المدنيون عن الملاذات المفترضة، يواجه المجتمع الدولي ثقل التقاعس عن العمل، وتحمل الأصوات القادمة من الأرض، مثل أصوات حنين أبو عودة ووفاء أبو حجاج، قصصًا عن اليأس الذي لا ينضب والأمل الزائل. إن العالم يراقب محنة غزة وهي تسلط الضوء على حقيقة عميقة: في الحرب، الأبرياء هم الذين يتحملون وطأة المعاناة.