وفي مشهد يتسم بعدم اليقين الاقتصادي وديناميكيات العمل المتطورة، تزدهر روح ريادة الأعمال. يكشف تقرير حديث عن زيادة كبيرة في النشاطات الجانبية، حيث يعمل رواد الأعمال الناشئون على تحقيق التوازن بين طموحاتهم مع الاحتفاظ بوظائف بدوام كامل أو جزئي في أماكن أخرى.
وفقا لنتائج دراسة استقصائية أجرتها شركة Gusto، وهي شركة الرواتب، فإن عدد الشركات الصغيرة التي أطلقها الأفراد الذين حافظوا على وظائف أخرى تضاعف تقريبا من عام 2022 إلى العام السابق. ويؤكد هذا الاتجاه على الميل المتزايد نحو المساعي الموازية، حيث يستفيد الأفراد من أدوارهم الحالية لتغذية تطلعاتهم في مجال ريادة الأعمال.
في عام 2023، ظهرت نسبة ملحوظة تبلغ 44% من الشركات الجديدة في الولايات المتحدة كأعمال جانبية، وهو ما يمثل قفزة كبيرة من نسبة 27% التي تم الإبلاغ عنها في العام السابق. ترسم البيانات صورة للقوى العاملة التي تتبنى بشكل متزايد ازدواجية التوظيف التقليدي ومساعي ريادة الأعمال.
ومن بين المشاركين في الاستطلاع، كشف 25% أنهم كانوا يتنقلون بين الوظائف اليومية بدوام كامل بينما يضعون الأساس لمؤسساتهم، بينما كان 19% يعملون في وظائف بدوام جزئي. ويكشف هذا عن نهج عملي في التعامل مع المخاطرة، حيث يتنقل الأفراد بين الشكوك المحيطة بريادة الأعمال مع الحفاظ على تدفق دخل مستقر.
وقد أثر التقاء التقلبات الاقتصادية ونماذج العمل المتغيرة على هذا الاتجاه، حيث أظهر الأفراد درجة من الحذر قبل التخلي عن أمن وظائفهم الحالية. ولعبت ترتيبات العمل عن بعد والمختلط أيضًا دورًا محوريًا، حيث أتاحت للأفراد المرونة والوقت لاستكشاف إمكاناتهم في مجال ريادة الأعمال.
لقد برزت تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي كأداة لتغيير قواعد اللعبة في هذا المشهد، حيث قامت بتبسيط العمليات وتسريع تطوير المنتجات للشركات الناشئة. تستفيد أكثر من 20% من الشركات الجديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز السائد على التسويق (76%)، واتصالات المبيعات (41%)، وخدمة العملاء (26%).
علاوة على ذلك، يسلط الاستطلاع الضوء على انحراف ديموغرافي، حيث يقود العمال الأصغر سنا المسؤولية في مساعي ريادة الأعمال. انطلق ما يقرب من نصف المؤسسين (49%) الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا في رحلات ريادة الأعمال بينما كانوا لا يزالون يعملون في أماكن أخرى، مما يؤكد شهية الأجيال للابتكار والاستقلالية.
ومن المثير للاهتمام أن الاستطلاع يكشف أن نسبة كبيرة من المؤسسين الأصغر سناً (51%) ظلوا مرتبطين بأصحاب عملهم السابقين حتى عندما رسموا مساراتهم في ريادة الأعمال، مما يشير إلى اتباع نهج دقيق لإدارة المخاطر وتخصيص الموارد.
ولا يخلو هذا الاتجاه من آثاره على المشهد الاقتصادي الأوسع. ومن الممكن أن يؤدي انتشار الأنشطة الجانبية إلى ضخ الديناميكية في سوق العمل، وتعزيز ثقافة الابتكار والتنويع. علاوة على ذلك، فهو يؤكد على حاجة صناع السياسات والشركات إلى التكيف مع ديناميكيات القوى العاملة المتطورة، وتقديم الدعم والموارد لرواد الأعمال الناشئين.
مع استمرار تطور مشهد ريادة الأعمال، مدفوعًا بالتقدم التكنولوجي والأعراف المجتمعية المتغيرة، فإن ظهور الأنشطة الجانبية يمثل شهادة على براعة الإنسان ومرونته. في عالم يتسم بعدم اليقين، يقوم الأفراد بصياغة مساراتهم، وتحقيق التوازن بين الطموح والواقعية أثناء تنقلهم بين العمل وريادة الأعمال.