/

ماكرون يشارك في محادثات لتشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة

macron-engages-in-talks-to-form-new-french-government

ينخرط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاليًا في مناقشات حيوية مع الشخصيات السياسية الرئيسية لحل المأزق السياسي الكبير وتشكيل حكومة جديدة. ويأتي هذا التحرك في أعقاب الانتخابات التشريعية المبكرة الأخيرة التي أسفرت عن برلمان معلق، الأمر الذي زاد من حدة التوترات الاجتماعية القائمة وسلط الضوء على مشاكل الديون المتزايدة في البلاد. وقد أصبحت الحاجة إلى حكومة فاعلة وفعالة أمرًا ملحًا، مما دفع ماكرون إلى مواجهة هذه التحديات مباشرة بعد الإثارة التي شهدتها دورة الألعاب الأولمبية في باريس وإجازة قصيرة في البحر الأبيض المتوسط.

تركت الانتخابات التشريعية التي جرت الشهر الماضي الجمعية الوطنية الفرنسية، مجلس النواب القوي في البرلمان، بدون أغلبية واضحة. وحصل تحالف ماكرون الوسطي على المركز الثاني، متخلفًا عن تحالف الجبهة الشعبية اليساري الجديد. واحتل التجمع الوطني اليميني المتطرف المركز الثالث. وفي ظل عدم وجود قوة سياسية مهيمنة، فإن ماكرون مكلف باختيار رئيس وزراء جديد قادر على تشكيل حكومة يمكنها قيادة البلاد خلال هذه الأوقات المضطربة.

بدأ ماكرون مشاورات يوم الجمعة مع مختلف اللاعبين السياسيين لتحديد مرشح مناسب لرئاسة الوزراء. وتحثّ الجبهة الشعبية الجديدة، التي تضم ائتلاف “فرنسا الأبية” اليساري المتشدد والاشتراكيين والخضر، والتي فازت بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات، ماكرون على اتخاذ قرار سريع. وقد طرح التحالف لوسي كاستيتس، وهي موظفة مدنية غير معروفة نسبيًا، كمرشحة مفضلة لديهم لمنصب رئيس الوزراء. وقد أعربت كاستيتس عن استعدادها للحكم والعمل من أجل التوصل إلى التسويات اللازمة لتحقيق الاستقرار السياسي.

وعلى الرغم من هذه التطورات، تسيطر الجبهة الشعبية الجديدة على نحو ثلث مقاعد الجمعية الوطنية فقط. ويثير هذا القيد مخاوف بشأن قدرة الائتلاف على حشد الدعم البرلماني المطلوب. وماكرون، الذي يتمتع بالسلطة الدستورية لتعيين رئيس الوزراء، ليس ملزمًا باختيار مرشح من الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد. ومن المتوقع أن يتأثر قراره بالحاجة إلى ضمان أغلبية مستقرة، وهي مهمة صعبة بالنظر إلى المشهد السياسي المجزأ الحالي.

كما أن الاجتماعات مع المجموعات السياسية الأخرى مدرجة على جدول أعمال ماكرون. وقد شارك بالفعل ممثلون من الفصائل الوسطية والمحافظة في المناقشات. ومن المقرر أن يجتمع قادة من التجمع الوطني اليميني المتطرف، بمن فيهم مارين لوبان وجوردان بارديلا، مع ماكرون مطلع الأسبوع المقبل. ويهدف الرئيس الفرنسي إلى جمع رؤى من هذه المشاورات لتشكيل حكومة يمكنها أن تحظى بدعم واسع ومستقر، وتتمكن من الإبحار في السيناريو السياسي المعقد.

وخلال المحادثات، تم الإقرار خلال المحادثات بأن نتائج الانتخابات الأخيرة أرسلت رسالة واضحة من الناخبين الفرنسيين. ومع ذلك، يبدو أن ماكرون يبدو حذرًا بشأن السماح لحزب معارض بتشكيل الحكومة، ويسعى على الأرجح إلى تجنب عدم الاستقرار المحتمل لمثل هذا الترتيب. وقد انتقد قادة اليسار تردد ماكرون الملحوظ، مستشهدين بمشاركته في الألعاب الأولمبية وإجازته اللاحقة باعتبارها تأخيرات غير ضرورية في معالجة القضايا الوطنية الملحة. ويقولون إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المشاكل الملحة التي تواجه البلاد.

وتصر الجبهة الشعبية الجديدة على أن ممثلها يجب أن يقود الحكومة باعتبارها أكبر مجموعة في الجمعية الوطنية. ومع ذلك، هناك معارضة كبيرة من سياسيي الوسط واليمين واليمين المتطرف، الذين أشاروا إلى أنهم سيتحدون أي حكومة تضم أعضاء من حزب فرنسا الأبية الذي يعد مكونًا رئيسيًا في الجبهة الشعبية الجديدة.

وتفيد التقارير بأن ماكرون يدرس مجموعة من المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الوزراء بخلاف كاستيتس. ومن بين الأسماء المتداولة في وسائل الإعلام برنار كازنوف، وهو سياسي من يسار الوسط معروف بدوره خلال الهجمات الإرهابية عام 2015، وخافيير برتران، وهو شخصية معتدلة داخل اليمين الفرنسي، وميشيل بارنييه، وهو سياسي محافظ وكبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي السابق في محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وسيهدف القرار النهائي لماكرون بشأن تعيين رئيس وزراء جديد إلى إنشاء ائتلاف يمتد من يسار الوسط إلى اليمين التقليدي، وبالتالي إنشاء أوسع أغلبية ممكنة وأكثرها استقرارًا. ويعكس هذا النهج استراتيجية ماكرون في التعامل مع الغياب غير المسبوق للأغلبية السياسية الواضحة، بما يضمن بقاء الحكم في فرنسا فعالًا ومستجيبًا للتحديات الحالية في البلاد.

من خلال الانخراط في مشاورات شاملة والنظر في مجموعة واسعة من وجهات النظر السياسية، يعمل ماكرون على تشكيل حكومة يمكنها توحيد الجمعية الوطنية المنقسمة ومعالجة القضايا الملحة في فرنسا بشكل فعال.