أمضى ماغنوس كارلسن، معجزة الشطرنج النرويجي وبطل العالم السابق في الشطرنج، أكثر من عقدين من الزمن مهيمناً على عالم الشطرنج. في سن الثالثة والثلاثين، يأخذ مسيرته المهنية في اتجاه جديد، حيث لا يركز فقط على المنافسة بل على نشر اللعبة التي يحبها. وكما قال كارلسن لوكالة أسوشيتد برس، “أنا ألعب من أجل حب اللعبة”. يشير هذا التحول إلى فصل جديد بالنسبة لكارلسن ومجتمع الشطرنج الأوسع نطاقًا حيث ينقل خبراته إلى جمهور أوسع.
صعود كارلسن إلى الشهرة في الشطرنج
منذ سن مبكرة، كانت موهبة كارلسن في الشطرنج لا يمكن إنكارها. في سن 13 عامًا فقط، وصل إلى مرتبة الأستاذ الكبير، وبحلول عام 2011، أصبح اللاعب الأعلى تصنيفًا في العالم. وفي عام 2014، حقق أعلى تصنيف في التاريخ في الشطرنج، وهو 2882. قليلون هم اللاعبون الذين وصلوا إلى مستوى شهرة كارلسن، ولا يضاهي تأثيره في الشطرنج سوى أساطير مثل غاري كاسباروف وبوبي فيشر. ومع ذلك، وعلى عكس أسلافه، يبتعد كارلسن الآن عن السعي وراء الألقاب الاحترافية ويركز بدلاً من ذلك على جلب الشطرنج إلى التيار الرئيسي.
مشروع جديد: تطبيق تيك تيك تيك
يهدف أحدث مشروع لكارلسن، وهو تطبيق Take Take Take، إلى جعل الشطرنج أكثر سهولة وجاذبية للجماهير العادية. ويقول: “سيكون التطبيق أكثر جاذبية”، ويميزه عن منصات مثل YouTube وTwitch. يسمح التطبيق للمستخدمين بمتابعة المباريات المباشرة مع شروحات في الوقت الحقيقي، مما يجذب أولئك الذين قد يجدون البث التقليدي للشطرنج تقنياً للغاية. يتزامن إطلاق التطبيق مع بطولة العالم للشطرنج في نوفمبر، حيث يخطط كارلسن لتقديم التعليقات والتحليلات على الرغم من ابتعاده عن اللعب التنافسي.
الاستفادة من الخبرة في تكنولوجيا الشطرنج
كارلسن ليس غريبًا على ابتكارات الشطرنج الرقمية. فقد سمح تطبيقه “Play Magnus” الذي أطلقه عام 2014 للمستخدمين بمحاكاة مباريات ضد محرك شطرنج مصمم على غرار طريقة لعبه. وقد تطور التطبيق إلى مجموعة من تطبيقات الشطرنج الشهيرة، وتم بيعه في النهاية إلى Chess.com مقابل حوالي 80 مليون دولار في عام 2022. والآن، يأمل كل من كارلسن والرئيس التنفيذي لشركة Fantasy Chess، ماتس أندريه كريستيانسن، أن يجذب تطبيق Take Take Take جمهورًا أكثر اعتيادية من خلال التعليقات المبسطة والميزات التفاعلية.
ويوضح كريستيانسن: “سيأتي ذلك لاحقًا، ربما مع الإعلانات أو تحليل أعمق”، ملمحًا إلى خطة تحقيق الدخل التي ستتبعها بمجرد إنشاء قاعدة المستخدمين.
مواجهة المنافسة في سوق مزدحم
على الرغم من شعبية كارلسن، يواجه تطبيق “تيك تيك تيك” منافسة شرسة من موقع Chess.com وYouTube وTwitch وموقع البث التابع للاتحاد الدولي للشطرنج. يضم موقع Chess.com وحده أكثر من 100 مليون مستخدم، ومع وجود منصات أخرى مثل World Chess بقيمة 54 مليون دولار، سيحتاج تطبيق كارلسن الجديد إلى تحديد مكانته. ومع ذلك، يعتقد “كارلسن” أن تركيز التطبيق على سهولة الوصول والمشاركة غير الرسمية سيميزه في سوق يستهدف تقليديًا اللاعبين ذوي الخبرة.
تأثير الذكاء الاصطناعي في الشطرنج الحديث
لقد غيّر الذكاء الاصطناعي لعبة الشطرنج، حيث يقدم أدوات تساعد اللاعبين على تحليل المراكز وتحسين لعبهم. يعترف كارلسن بذلك قائلاً: “أصبح الاستعداد أعمق وأعمق، والذكاء الاصطناعي يساعدنا في اللعب”. ومع ذلك، فقد أدى الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى تحديات مثل الغش، وهي مشكلة تم تسليط الضوء عليها في الخلاف العلني بين كارلسن والأستاذ الكبير الأمريكي هانز نيمان.
بينما اعترف نيمان بالغش في المباريات على الإنترنت، لا يوجد دليل على أنه غش في المباريات المباشرة. وعلى الرغم من ذلك، فإن قرار كارلسن برفض خوض مباراة ضده جذب الانتباه العالمي إلى اللعبة، مما يدل على تأثير التكنولوجيا في الشطرنج الحديث.
إرث كارلسن ومستقبل الشطرنج
على الرغم من اعتراف كارلسن بأنه لا يتمتع بنفس الطاقة التي كان يتمتع بها في السابق، إلا أنه لا يزال شغوفًا باللعبة. “عقلي أبطأ قليلاً، وقد لا أمتلك نفس الطاقة. لكن الشطرنج هو عبارة عن اجتماع الطاقة والقدرة الحاسوبية والخبرة معًا”، مؤكدًا ثقته في مهاراته. ألهم تأثير كارلسن موجة جديدة من مشجعي الشطرنج ولاعبيه، حيث عززت شخصيات مثل هيكارو ناكامورا وعروض مثل “The Queen’s Gambit” شعبية اللعبة في جميع أنحاء العالم.
يمثل انتقال ماغنوس كارلسن من الشطرنج التنافسي إلى الابتكار الرقمي فصلاً جديداً مثيراً للعبة. فمن خلال إطلاقه لـ”تيك تيك تيك”، يأمل كارلسن في تقديم الشطرنج لجمهور أوسع، وتقديم تجربة جذابة ومبسطة. على الرغم من أن كارلسن قد لا يتابع الألقاب بنفس الحماس، إلا أن حبه للعبة والتزامه بنموها يضمن استمرار إرثه. ومع تحول كارلسن، سيراقب عالم الشطرنج عن كثب ليرى كيف سيستمر تأثيره في تشكيل مستقبل هذه الرياضة.