في مسعى طموح لتوسيع الوجود البشري إلى ما هو أبعد من الأرض، تعاونت وكالة ناسا مع شركة نوكيا لإنشاء شبكة خلوية رائدة على القمر. تمثل هذه الشراكة خطوة مهمة نحو إرساء الأساس لاستكشاف القمر بشكل مستدام والبعثات المستقبلية إلى الأجرام السماوية الأخرى.
وتهدف المبادرة، المقرر إطلاقها في وقت لاحق من هذا العام على متن صاروخ SpaceX، إلى نشر شبكة 4G في القطب الجنوبي للقمر، وهي منطقة ذات أهمية علمية هائلة وموارد محتملة. وتمثل الشبكة، التي صممتها وبنتها شركة Bell Labs التابعة لنوكيا، جهدًا رائدًا للتغلب على تحديات العمل في البيئة القمرية القاسية، بما في ذلك درجات الحرارة القصوى والإشعاع.
بمجرد تركيبها، سيتم التحكم في الشبكة الخلوية عن بعد من الأرض، مما يتيح الاتصال في الوقت الفعلي ونقل البيانات بين سطح القمر والتحكم في المهمة. تعتبر هذه القدرة حاسمة بشكل خاص لبرنامج أرتميس التابع لناسا، والذي يسعى إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر هذا العقد وتأسيس وجود بشري مستدام.
أحد الأهداف الأساسية للمهمة هو البحث عن الجليد على سطح القمر، وهو مورد بالغ الأهمية يمكن استخدامه لإنتاج الأكسجين والوقود القابل للتنفس للبعثات المستقبلية إلى المريخ وما بعده. ستجتاز مركبتان متجولتان مجهزتان بأدوات متخصصة تضاريس القمر، وتنقلان الصور والبيانات إلى الأرض عبر الشبكة الخلوية في الوقت الفعلي تقريبًا.
إن التنفيذ الناجح للشبكة الخلوية القمرية يمكن أن يحدث ثورة في استكشاف الفضاء من خلال تمكين بث الفيديو عالي الدقة والبحث العلمي وحتى الاتصالات الشخصية لرواد الفضاء المتمركزين على القمر. علاوة على ذلك، فإنه يضع الأساس لشبكة الإنترنت خارج العالم، مما يسمح لمستعمري الفضاء بالوصول إلى نفس التطبيقات والخدمات المتاحة على الأرض.
يؤكد اختيار وكالة ناسا لمختبرات Bell Labs لهذا المشروع على خبرة الشركة وابتكارها في مجال تكنولوجيا الاتصالات. من خلال مشاركتها في مبادرة نقطة التحول التابعة لوكالة ناسا، حصلت شركة Bell Labs على منحة بقيمة 14.1 مليون دولار لتطوير تقنيات للمهام الفضائية المستقبلية، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في اقتصاد الفضاء الناشئ.
بالإضافة إلى تعاونها مع وكالة ناسا، تم اختيار نوكيا من قبل وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة الأمريكية (DARPA) للعمل على البنية التحتية للاتصالات للاقتصاد القمري. وتسلط هذه الشراكة الاستراتيجية الضوء على التطبيقات التجارية المحتملة لتكنولوجيا الاتصالات الفضائية، ليس فقط لاستكشاف القمر ولكن أيضًا للصناعات الأرضية العاملة في البيئات النائية والقاسية.
وشدد تيري كلاين، رئيس شركة Bell Labs Solutions Research، على أهمية تكنولوجيا الاتصالات في الحفاظ على الوجود البشري شبه الدائم أو الدائم على القمر. وذكر أن الاقتصاد القمري المستقبلي سيعتمد بشكل حاسم على شبكات اتصالات قوية لجمع البيانات وتبادل المعلومات والتحكم التشغيلي.
يمثل تطوير معدات شبكية مدمجة ومنخفضة التأثير قادرة على تحمل قسوة السفر والتشغيل في الفضاء إنجازًا تكنولوجيًا كبيرًا له فوائد محتملة للتطبيقات الأرضية. ومن المواقع الصناعية النائية إلى جهود السلامة العامة والاستجابة للكوارث، فإن مرونة وتنوع تكنولوجيا الاتصالات التي تم اختبارها في الفضاء يمكن أن تحدث ثورة في مختلف القطاعات.
وبينما تشرع البشرية في الفصل التالي من استكشاف الفضاء، فإن التعاون بين وكالة ناسا ونوكيا هو بمثابة شهادة على قوة الابتكار والشراكة في تطوير الاكتشافات العلمية وتوسيع آفاق المساعي البشرية. مع إنشاء شبكة خلوية على القمر، أصبح حلم الوجود البشري المستدام في الفضاء أقرب إلى الواقع، إيذانا ببدء حقبة جديدة من الاستكشاف والاكتشاف.