قام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بخطوة دبلوماسية مهمة أثناء حضوره فعاليات الذكرى السنوية ليوم النصر في نورماندي بفرنسا إلى جانب قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن. لم تقتصر هذه اللفتة على إحياء ذكرى تضحيات الماضي فحسب، بل أكدت أيضًا على حاجة أوكرانيا الملحة لزيادة الدعم الغربي في مواجهة الغزو الروسي المستمر.
كان توقيت وجود زيلينسكي في نورماندي مؤثرًا، حيث تتصارع بلاده مع واحد من أكبر الصراعات في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. تواصل القوات الروسية هجومها بالقرب من مدينة خاركيف الشرقية، مستغلةً نقاط ضعف أوكرانيا في الذخيرة وأعداد القوات. يؤكد الهجوم الأخير، الذي يركز على خاركيف ودونيتسك، على الضغط المتواصل الذي تواجهه أوكرانيا على حدودها.
وردًا على هذه التحديات، منح حلفاء الناتو أوكرانيا تصريحًا باستخدام الأسلحة في هجمات محدودة داخل الأراضي الروسية. وتهدف هذه الخطوة إلى تعطيل قدرة موسكو على فتح جبهات جديدة، لا سيما في المناطق الشمالية الشرقية حيث تخشى القوات الأوكرانية من شنّ المزيد من الهجمات. وعلى الرغم من أن القرار استراتيجي، إلا أنه مصحوب بقيود، حيث يقتصر على المناطق الحدودية الروسية شرق أوكرانيا وتجنب أهداف مثل المطارات أو الطائرات.
كان رد الرئيس بايدن على تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تزويد الدول الأخرى بأسلحة بعيدة المدى حازمًا ولكن مدروسًا. أكد بايدن على القيود التي تفرضها الولايات المتحدة وأعرب عن مخاوفه بشأن سلوك بوتين، واصفًا إياه بالديكتاتور. وأعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب الدفاع عن أوكرانيا، وضمان ألا يهدد العدوان الروسي بمزيد من زعزعة الاستقرار في أوروبا.
ومع ذلك، لا يزال المسؤولون الروس غير مكترثين بالتحذيرات الغربية. وقد رد ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بتحدٍّ، مشيراً إلى العواقب المحتملة لاستخدام الأسلحة التي زوّدها الغرب ضد روسيا. وعلى الرغم من تأكيد الناتو أنه ليس لديه أي خطط لنشر قوات في أوكرانيا، إلا أن الكرملين لا يزال حازماً في موقفه، ملمحاً إلى ردود فعل محتملة غير متماثلة على الإجراءات الغربية.
وفي الوقت نفسه، يتصاعد الصراع على الأرض من خلال هجمات الطائرات بدون طيار المتطورة. قصفت طائرات أوكرانية بدون طيار مصفاة نفط ومستودع وقود في المناطق الحدودية الروسية، بهدف تعطيل آلة الحرب الروسية وحرمانها من إيرادات موسكو. وتعكس هذه الضربات، التي وصلت إلى عمق الأراضي الروسية، تصميم أوكرانيا على مقاومة العدوان الروسي وإضعاف البنية التحتية للطاقة.
وردًا على ذلك، واصلت روسيا هجومها على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وهدفها تقويض الروح المعنوية العامة. وفي حين أن هذه التكتيكات، في الوقت الذي تُلحق فيه المصاعب بالسكان الأوكرانيين، فإنها تستهدف أيضًا مصانع التصنيع العسكري، مما يزيد من تعقيد جهود أوكرانيا للدفاع عن نفسها.
ومع احتدام الصراع، يراقب المجتمع الدولي الصراع عن كثب، مدركًا المخاطر التي ينطوي عليها. تُعد أحداث يوم النصر بمثابة تذكير واقعي بأهمية الوحدة في مواجهة الشدائد. يرمز وجود أوكرانيا بين قادة العالم إلى صمودها وتصميمها على الدفاع عن سيادتها ضد العدوان الخارجي.
وبينما يلتقي الرئيس زيلينسكي بالمسؤولين الفرنسيين في باريس لحشد المزيد من الدعم، فإن مصير أوكرانيا معلق في الميزان. لا يُظهر الصراع، الذي دخل الآن عامه الثالث، أي علامات على الانحسار، مما يثير المخاوف بشأن التداعيات الأوسع نطاقًا على الأمن والاستقرار الأوروبيين. في هذا المنعطف الحرج، يجب على القادة الغربيين أن يحققوا توازنًا دقيقًا بين دعم الدفاع عن أوكرانيا ومنع المزيد من التصعيد مع روسيا، مع مراعاة الدروس المستفادة من أحلك فصول التاريخ.