في تصعيد صادم للصراع الدائر في غزة، تكبدت القوات الإسرائيلية أكبر خسارة منذ بداية الحرب. وأكد الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء أن 21 من جنوده قتلوا في هجوم مدمر شنه مسلحون فلسطينيون. يمثل هذا الحادث المأساوي الهجوم الأكثر دموية على الجيش الإسرائيلي منذ بدء الصراع، حيث يطغى حتى على غارة حماس التي أشعلت الحرب في البداية. وفي خضم هذه الاضطرابات، ينعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخسارة لكنه يظل صامداً، متعهداً بمواصلة الهجوم حتى “النصر الكامل”.
ولم يسفر الهجوم، الذي استخدم فيه قذيفة صاروخية، عن مقتل هؤلاء الجنود فحسب، بل أدى أيضًا إلى تفجير المتفجرات التي كانوا يقومون بتركيبها، مما أدى إلى تفاقم الدمار. وفي أعقاب هذا الحادث، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تحقيق تقدم كبير، بما في ذلك تطويق خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول الكيفية التي قد تساعد بها هذه التطورات في تحقيق أهداف إسرائيل الأساسية: هزيمة حماس وإنقاذ الرهائن الإسرائيليين.
وردا على الوضع المتصاعد، أعرب رئيس الوزراء نتنياهو عن أسفه للخسارة لكنه قرر المضي قدما. وأضاف: “نحن في خضم حرب أكثر من مبررة… وهناك أيضاً خسائر فادحة”، معترفاً بالتحديات ومؤكداً التزامه بالأهداف العسكرية.
ولم يؤد الصراع الدائر إلى سقوط عدد كبير من الضحايا العسكريين فحسب، بل أدى أيضا إلى دمار واسع النطاق وأزمات إنسانية. وتشير التقارير إلى أن حوالي 85% من سكان غزة قد نزحوا، وأن قسماً كبيراً منهم يواجه المجاعة. ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن الدعم الإقليمي للفلسطينيين تجلى في هجمات ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية من قبل الجماعات المدعومة من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ومع ارتفاع عدد القتلى وتدهور الوضع على نحو متزايد، تتصاعد الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار. وهذا الضغط ليس عالميًا فحسب، بل داخليًا أيضًا، حيث تدعو عائلات الرهائن الإسرائيليين إلى التوصل إلى حل. وعلى الرغم من هذه الضغوط والاقتراحات لوقف إطلاق النار، بما في ذلك العرض المصري الأخير الذي يتضمن تبادل الرهائن، إلا أن حماس تظل متعنتة، وتطالب بالانسحاب الكامل من غزة.
وتتجلى حدة الصراع في القتال العنيف الدائر حول خان يونس، حيث وردت أنباء عن عدم قدرة المستشفيات على العمل وفرار الآلاف من المنطقة. إن الاعتقاد الإسرائيلي بأن قادة حماس يستخدمون الرهائن كدروع بشرية ويختبئون في شبكات أنفاق واسعة النطاق يزيد من تعقيد الوضع.
إن الخسارة المأساوية لـ 21 جنديًا إسرائيليًا في هجوم واحد لا تمثل علامة فارقة حزينة في هذا الصراع الذي طال أمده فحسب، بل تؤكد أيضًا على تعقيد الوضع واستعصائه على الحل. لا يزال الطريق إلى الأمام غير مؤكد مع تزايد الدعوات الدولية والمحلية لوقف إطلاق النار والتحديات المستمرة في تحقيق الأهداف العسكرية الأساسية. وبينما يراقب العالم، يتنامى الأمل في التوصل إلى حل سلمي، إلا أن الحقائق على الأرض في غزة وإسرائيل ترسم صورة صارخة ومضطربة.