قضت محكمة باكستانية بالسجن لمدة 10 سنوات على رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان بتهمة إفشاء أسرار رسمية، وذلك قبل أيام قليلة من الانتخابات البرلمانية الحاسمة. هذه الإدانة الأخيرة هي واحدة من بين العديد من القضايا القانونية التي تركت خان مهمشًا عن السياسة النشطة. وعلى الرغم من غيابه عن الاقتراع، يظل خان قوة سياسية فاعلة، وذلك بفضل أتباعه الشعبيين وموقفه المناهض للمؤسسة.
وتم عزل عمران خان، نجم الكريكيت السابق، من منصبه من خلال تصويت بحجب الثقة في عام 2022. وهو يقضي حاليًا عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات، مع وجود أكثر من 150 قضية أخرى معلقة ضده. وأدى اعتقال خان العام الماضي إلى مظاهرات عنيفة، مما دفع السلطات إلى قمع أنصاره وأنشطة حزبه، مما جعلهم مترددين في تنظيم مسيرات جديدة.
وتأتي الانتخابات البرلمانية المقبلة في الثامن من فبراير/شباط في وقت حساس بالنسبة لباكستان التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة. وكافح خليفة خان، شهباز شريف، لإدارة الأزمة، فلجأ إلى زيادات كبيرة في تعريفات الغاز والكهرباء لتأمين خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي. أدت هذه الإجراءات إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع اليومية وقللت من شعبية حزبه.
وترتبط إدانة خان الأخيرة بـ “قضية التشفير”، حيث اتُهم بكشف أسرار الدولة من خلال التلويح بوثيقة سرية في تجمع حاشد. وفي حين أن محتويات الوثيقة لم يتم الكشف عنها، فمن المعتقد أنها تحتوي على مراسلات دبلوماسية بين السفير الباكستاني في واشنطن ووزارة الخارجية في إسلام آباد.
وقال عمران خان إن الوثيقة كانت بمثابة دليل على التهديدات الموجهة ضده، وادعى أن الإطاحة به كانت جزءًا من مؤامرة أمريكية دبرها الجيش والحكومة الباكستانية. وقد دحض المسؤولون الأمريكيون والباكستانيون هذه الادعاءات.
صدر الحكم في قضية التشفير من قبل محكمة خاصة في السجن الذي يُحتجز فيه خان في روالبندي. أثناء المحاكمة، مُنع بعض أعضاء فريق خان القانوني من الوصول إلى المحكمة، ومُنع الصحفيون من تغطية الإجراءات. كما أُدين شاه محمود قريشي، وهو مسؤول كبير في حزب خان، وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التلاعب بمحتويات البرقية الدبلوماسية لتحقيق مكاسب سياسية.
انتقدت شقيقة خان، عليمة خان، المحاكمة، قائلة إن شقيقها حُرم من محاكمة عادلة. وذكرت أيضًا أن المدعين طالبوا بإنزال عقوبة الإعدام على خان وأن الحكم بدا متعجلًا. وعلى الرغم من هذه التحديات، يخطط حزب خان لاستئناف الإدانة أمام المحكمة العليا في إسلام آباد.
ويؤكد عمران خان باستمرار براءته، مؤكدا أنه لم يكشف عن المحتوى الدقيق للبرقية. ويقف حزبه، حركة الإنصاف الباكستانية، إلى جانبه وندد بالإجراءات ووصفها بأنها “محاكمة صورية”. ودعت حركة PTI أنصارها إلى البقاء مسالمين والامتناع عن اللجوء إلى العنف.
ويتوقع المحللون أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة منخفضة بسبب غياب خان، باعتباره الزعيم الكاريزمي الذي اجتذب الجماهير. وأعربت لجنة حقوق الإنسان الباكستانية عن مخاوفها بشأن نزاهة الانتخابات البرلمانية، خاصة بسبب رفض العديد من المرشحين من حزب خان.
وعلى الرغم من التحديات، تظل حركة PTI ملتزمة بقضيتها السياسية وتهدف إلى ضمان النصر “بأغلبية ساحقة” في الانتخابات المقبلة. مما لا شك فيه أن المشهد السياسي الذي يتكشف في باكستان سوف تتم مراقبته عن كثب في الوقت الذي تتصارع فيه البلاد مع مناخ سياسي مضطرب وعدم اليقين الاقتصادي.