بينما تستعد سلوفاكيا لإجراء انتخاباتها الرئاسية المقبلة في السادس من إبريل/نيسان، فإن المشهد السياسي محفوف بالتوتر والجدل، الذي يدور في المقام الأول حول رئيس الوزراء روبرت فيكو والميول الاستبدادية المتزايدة لحكومته. وأثارت تصرفات فيكو وتصريحاته الأخيرة مخاوف على المستويين المحلي والدولي، ورسمت صورة لأمة تنحرف نحو فلك موسكو.
ووقع الحادث الأخير أثناء زيارة فيكو لوزارة العدل في براتيسلافا، حيث وجه تهديدات مستترة ضد قضاة المحكمة العليا الذين أصدروا أحكاما ضد حلفائه السياسيين في قضايا جنائية. وأثارت هذه الخطوة إدانة القاضي جوراج كليمنت والمعارضة السياسية، مع اتهامات بالتدخل في القضاء وتآكل استقلال القضاء.
وأشار المنتقدون إلى أسلوب فيكو في الحكم، وقارنوا ذلك بنهج رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. ومنذ عودته إلى منصبه لولاية رابعة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قام فيكو بتفكيك آليات رئيسية لمكافحة الفساد، وسعى إلى السيطرة على وسائل الإعلام العامة، وردد نقاط الحوار التي طرحتها موسكو، مما أثار إنذارات في بروكسل وخارجها.
وذهب المحلل السياسي ميشال فاسيكا إلى حد اتهام فيكو بمحاولة إنشاء ما يسميه “دولة المافيا”، حيث الهدف الأساسي هو توطيد السلطة على حساب الأعراف والمؤسسات الديمقراطية.
ومما زاد الأمور تعقيداً أن كبير مستشاري فيكو، إريك كاليناك، هدد مؤخراً بإجراء عمليات تدقيق للعلاقات المالية لوسائل الإعلام السلوفاكية والحسابات المصرفية للصحفيين الأفراد. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الكشف عن أن موسكو استخدمت وسائل الإعلام الموالية لروسيا، مثل صوت أوروبا، للتأثير على السياسة الأوروبية، مما أثار مخاوف بشأن حرية الصحافة واستقلال وسائل الإعلام في سلوفاكيا.
كما خضع التوجه الجيوسياسي لسلوفاكيا للتدقيق أيضًا، لا سيما تحالفها مع موسكو. ورفضت إدارة فيكو الدعوات لتسليح أوكرانيا ودعت إلى التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض في الصراع الدائر مع روسيا. وقد أدى هذا الموقف إلى توتر العلاقات مع الدول المجاورة، مثل جمهورية التشيك، حيث انتقد رئيس الوزراء بيتر فيالا قرارات السياسة الخارجية لسلوفاكيا، مشيراً إلى المخاوف بشأن الأمن الأوروبي.
وتعكس مشاعر فيالا قلقاً أوسع نطاقاً داخل الاتحاد الأوروبي بشأن المسار الذي تسلكه سلوفاكيا، مع مخاوف من أن يؤدي ميل البلاد نحو موسكو إلى تقويض الاستقرار والتماسك الإقليميين. ويؤكد القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء التشيكي فيالا بتعليق الاجتماعات الحكومية الدولية بين البلدين إلى أجل غير مسمى على عمق هذه المخاوف.
وفي خضم هذه الاضطرابات، تجد سلوفاكيا نفسها على مفترق طرق، فتتصارع مع مسائل الديمقراطية، وسيادة القانون، ومكانتها داخل الأسرة الأوروبية. لا شك أن نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة سوف تشكل مسار البلاد في السنوات المقبلة، مع تداعيات تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها.
وبينما تواجه سلوفاكيا هذه التحديات، يراقب المجتمع الدولي عن كثب، مع مراعاة العواقب المترتبة على الأمن والاستقرار الأوروبيين. ويتعين علينا أن نرى ما إذا كانت سلوفاكيا ستواصل تحولها نحو الشرق أو تؤكد من جديد التزامها بالقيم الديمقراطية والتكامل الأوروبي، ولكن هناك أمر واحد واضح: وهو أن المخاطر كبيرة، والاختيارات التي سيتم اتخاذها في الأيام المقبلة سوف يتردد صداها في جميع أنحاء القارة لسنوات قادمة.