وصل نزاع قانوني بين زوجين مسنين حول قناع غابوني نادر بقيمة مذهلة تبلغ 4.6 مليون دولار، إلى نتيجة محبطة في محكمة فرنسية. تدور هذه القضية الجذابة حول بيع القناع مقابل 150 يورو فقط (165 دولارًا) لتاجر أعمال فنية، والذي قام ببيعه بالمزاد العلني مقابل ثروة. وكانت الاتهامات بانعدام الشفافية والموافقة في طليعة المعركة، ويحمل حكم المحكمة آثاراً عميقة على عالم الفن.
في سبتمبر 2021، باع الزوجان، المعروفان باسم السيد والسيدة فورنييه، قناعهما العزيز، الموروث عن جد السيد فورنييه، إلى تاجر سلع مستعملة مقابل مبلغ متواضع قدره 150 يورو. لم يكونوا على علم بالقيمة السوقية الفعلية للقناع واعتقدوا أن التاجر كان يعرض سعرًا عادلاً، كما أكد محاميهم فريديريك مانسات جافري. ولم يعلموا أن معاملتهم التي تبدو عادية ستتحول قريبًا إلى معركة قانونية عالية المخاطر.
وبعد بضعة أشهر، تفاجأت عائلة فورنييه عندما علمت من خلال مقال صحفي أن قناعهم القديم سيتم بيعه بالمزاد العلني مقابل مبلغ مذهل قدره 4.2 مليون يورو، أي ما يعادل 4.6 مليون دولار. دفع هذا الكشف الزوجين المسنين إلى رفع دعوى مدنية ضد تاجر الأعمال الفنية، بدعوى فشله في تقديم المعلومات الأساسية قبل التعاقد وانتهاك الموافقة. لقد هدفوا إلى إلغاء البيع والمطالبة بعائدات المزاد.
ومع ذلك، أثبتت ملاحقتهم القانونية الأولية عدم نجاحها في خريف عام 2022، وحُكم عليهم بدفع تكاليف المحكمة. لكنهم واصلوا الضغط دون رادع، وقدموا استئنافًا. ومع ذلك، تبددت آمالهم مرة أخرى عندما أيدت المحكمة في أليس، جنوب فرنسا، شروط البيع في قرار صدر يوم الثلاثاء. وأشارت المحكمة إلى أن عائلة فورنييه لم تتخذ الخطوات اللازمة لتحديد القيمة التاريخية والفنية الحقيقية للقناع قبل الموافقة على البيع.
كما سلطت المحكمة الضوء على حاجة تاجر الأعمال الفنية إلى معرفة أكثر تحديدًا فيما يتعلق بالفن الأفريقي والقيمة الفريدة للقناع. سعى التاجر إلى الحصول على تقييمات من دور المزادات المختلفة للتأكد من قيمتها، وحصل في النهاية على تقديرات تتراوح بين 300 ألف يورو إلى 400 ألف يورو.
ولم يسلم حكم المحكمة الزوجين المسنين من الانتقادات. لقد تم توبيخهم بسبب إهمالهم وعدم مبالاتهم، حيث كانوا في عجلة من أمرهم لبيع العقار الذي تم تخزين القناع فيه ولم يعطوا الاهتمام الواجب لمحتوياته.
وفي تطور جديد للحكاية، دخلت الحكومة الجابونية أيضًا في المعركة القانونية، حيث رفعت دعوى قضائية منفصلة تتهم فيها سلف السيد فورنييه بسرقة القناع، وتؤكد أنه لم يكن المالك الشرعي له على الإطلاق. وطالب محامو الجابون بإعادة القناع إلى بلده الأصلي، مشيرين إلى ندرته الشديدة وقيمته الروحية الكبيرة للشعب الجابوني.
كان القناع، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، جزءًا من مجتمع نجيل القوي، وهي مجموعة سرية مسؤولة عن إقامة العدل داخل مجتمعات فانغ في الجابون. وفي حين أنه قد يُنظر إليه على أنه قطعة فنية في العالم الغربي، فإنه بالنسبة للأفارقة، وخاصة الجابونيين، يحمل أهمية طقوسية عميقة، حيث يعمل على ضمان السلام داخل المجتمع.
وصفت دار سوثبي للمزادات قناع نجيل مماثل بأنه من بين أندر الأعمال الفنية الأفريقية وأكثرها شهرة، مما يجعلها إضافة مرغوبة إلى أرقى مجموعات الفن الأفريقي.
وعلى الرغم من مناشدة الحكومة الجابونية تعليق الإجراءات القانونية المتعلقة ببيع القناع، رفضت المحكمة الطلب، مما سمح باستمرار النزاع حول ملكية القناع وأهميته الثقافية. يزيد هذا القرار من حدة الجدل الدائر حول الوصاية المشروعة على التحف الثقافية والأبعاد الأخلاقية لامتلاكها.
يؤكد قرار هذه القضية الاستثنائية على الطبيعة المعقدة لسوق الفن، والمسؤوليات القانونية، والتراث الثقافي. إن هزيمة الزوجين المسنين في مساعيهما القانونية المتعلقة بالقناع الغابوني الذي لا يقدر بثمن تؤكد أهمية البحث الدقيق والشفافية في المعاملات الفنية. وبما أن القناع لا يزال في قلب النزاع الذي ينطوي على تأكيد الجابون على البضائع المسروقة، فإن قيمته الثقافية والتاريخية ستظل موضع نقاش، مما يؤكد الحاجة الماسة للحفاظ على التحف الثقافية في جميع أنحاء العالم بشكل محترم.